قراءة في المحنة*
] لن يصيبنا ألا ما كتب الله لنا[, ولله الخيار فيما قضى ]وأن مع العسر يسرا [,]واصبر وما صبرك ألا بالله[ , ]أمن يجيب المضطر إذا دعاه [,]حسبنا الله ونعم الوكيل[ .
هذه الكليات الشرعية السالفة , معتقد للمؤمنين بربهم , إذا أصابتكم
المصائب , وداهمتهم الشدائد , فهم يعملون أن ما حصل قد كتب من قبل, فليس هناك ألا التسليم وأن الخيرة لله , فليس معهم ألا الثقة بحسن اختياره , وأن اليسر فسوف يعقب العسر , فهم على بوابة الانتظار, وأن علاج لهم في المحنة هو الصبر , فهم في عيادته يتداوون , وأن الله يجيب الداعي, فأ كفهم المصيبة حسن ظن لا يغلبه يأس , والثقة لا يغلبها قنوط , وصبر لا يهزمه جرع , وتفاؤل لا يعرض إليه إحباط , وتسليم لا يخامره اعتراض
المصيبة تهون عند تذكر اجرها ، وتلمح عاقبتها ، وانتظار زوالها وتوقع الخلف منها والتأسي بالمصابين والعزاء بما بقي من دين والسلوة لأنها من رب العالمين .
والمصيبة مطرقة تسحق فرعون النفس ، وسيف يذبح نمرود الكبر ، ونار تحرق حطب الشهوات ، وليموت بلهبها أبو لهب العجب .
المحنة سبع ، والسبع لا يأكل الميتة ، وتاج لا يلبسه الخدم و، وسيف لا يحمله الجبناء ، ومنبر لا يصعده أهل العي والحصر .
أحق الناس بالفوز من عانى في السير ، واجدرهم بالأمن من هانت عليه الشدائد ، و احظاهم بالزلفى من تجرع الغصص ، و أسعدهم بالقبول من صبر على قرع الباب .
لكل شي ثمن وثمن الدر الغوص إلي القعر ، ولكل شي قيمة ، وقيمة النصر تلقي الجراحات ، ومعركة الحياة ولكل محبوب ضريبة ، وضريبة النجاح دمع حار ، ودم فائر ، وجفن مسهد ، وجسم مجهد ، قلب مفجوع .
المحنة عمرها اقصر من النعمة , واجرها اكبر من العافية , وتجربتها اعظم من الحياة , ونفعها من السلامة , المحنة معها الاعتبار والتذكر واليقظة , ومعها الرصيد والثناء والتاريخ
للامانة منقول من موقع الفرقان